
في قلب حدائق قصر المنتزه الساحرة بالإسكندرية، تقف قطعة أثرية صامتة تروي فصولاً من تاريخ مصر الحديث: قطار الملك فاروق التاريخي. هذا القطار، الذي يمثل فخامة العصر الملكي وروعة الصناعة في منتصف القرن الماضي، كان يُستخدم في تنقلات الملك الشخصية بين المحافظات. لم يكن مجرد وسيلة نقل، بل كان قصراً متحركاً صُمم بأعلى مستويات الرفاهية، حيث ضمّ عربات مكيّفة ومفروشات فاخرة تعكس ذوق العائلة المالكة.


بعد سنوات من التوقف، خضع هذا الأثر التاريخي الهام لعملية تجديد شاملة بالغة الدقة. لم تقتصر عملية التجديد على إصلاح الهيكل الخارجي، بل امتدت لتشمل كل تفصيل داخلي. تم ترميم التجهيزات الخشبية النادرة في الصالونات الملكية بعناية فائقة، وتجديد أغطية الأثاث المخملية الفاخرة لتطابق الأقمشة الأصلية، وإعادة الرونق إلى النقوش المعدنية والأدوات النحاسية داخل مقصورات النوم والمطعم. كما تم إعادة تأهيل نظام التكييف القديم والمرافق الخاصة، لتعود كل قطعة داخلية إلى حالتها التي كانت عليها في الحقبة الملكية، محافظة على فخامتها الأصلية وتفاصيلها الدقيقة.

اليوم، أصبح القطار معروضاً في منطقة المنتزه كمعلم سياحي وتاريخي فريد، يتيح للزوار فرصة نادرة لاستكشاف نمط حياة الملوك والاطلاع عن قرب على حقبة زمنية مضت. إن وجود “قطار الملكية” في المنتزه لا يثري فقط التراث السكندري، بل يجسد الاهتمام المصري بالحفاظ على كنوزها التاريخية لتظل شاهداً حياً على عظمة الماضي.








